يشهد العالم المعاصر العديد من التغيرات والمستجدات
على الساحة المعرفية والثقافية والاجتماعية والتقنية، تأثرت بها العديد من المفهومات
المستقرّةِ في أذهان الناس، مما
أدى إلى قصور في بعض المؤسسات الإعلامية عن ملاحقة
كل ما هو جديد على صعيد الأدوار الجديدة لوسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام، وعدم
امتلاكها رؤية إعلامية توجه العمل الإعلامي والصحفي نحو غرس اتجاهات إيجابية نحو التحولات
التقنية والاجتماعية والثقافية في الوطن العربي؛ باعتبارها مدخلاً ضرورياً لامتلاك
المقومات والخصائص اللازمة للمؤسسات الإعلامية.
وتجدر الإشارة إلى أن التحولات الحاصلة في الميادين
الثقافية والاجتماعية والتقنية على المستوى الدولي أحدثت تطورات عدة في بنية وسائل
الإعلام بشكل عام، عادت بآثارها في تغيير طرائق أداء القائمين على العملية الإعلامية
في جوانب الأداء والتوجيه والتنفيذ، وهو ما أوقع أثره على وظائف الإعلام التقليدية
التي التزمت بها العديد من بحوث الإعلام والاتصال منذ سنوات طويلة، وتظهر الحاجة إلى
دعم توجه أكاديمي ناشط لتطوير تلك الوظائف بملائمتها مع المتغير الإعلامي المعاصر،
الذي أجتاز مرحلة التعددية ليبلغ حدود التفاعلية الواقعية النشطة، ووفق هذه الرؤية
يعرب باحثون غربيون وعرب فيها عن كامل ثقتهم بأنها تبدأ بالتحضير إلى نهاية مرحلة سيادة
الإعلام التي كانت تتحكم بمفاتيحها النظم الحاكمة، وتراجع نظريات أحادية الإتجاه والأثر
الذي يخطط له القائم بالاتصال ويوجهه لمتلقٍ ساكن غير فاعل.
ومن هذه الرؤية تُعتبر وسائل الإعلام من أقوى أدوات
الاتصال العصرية التي تعين الجمهور المتلقي على معايشة العصر والتفاعل معه، كما أصبح
لها دور مهم في شرح القضايا وطرحها على الرأي العام من أجل تهيئته إعلامياً. وإذا كانت
مؤسساتنا الإعلامية مقصرة في متابعة إنتاج الرؤية الإعلامية الواضحة والمحددة المعالم،
لأسباب تتصل بالسياقات الاجتماعية والسياسية والثقافية والتقنية، التي لم ترتقِ بعد
إلى مستوى التطورات على صعيد الأدوار الجديدة لوسائل الإعلام الحديثة، ولهذا يجب على
المؤسسات الإعلامية أن تتحمَّلَ مسؤوليةَ الأخذ بالجديد في مجال الصحافة والإعلام؛
من خلال الاطلاع على البحوث والدراسات في المجلات العربية والأجنبية، وما هو موجود
على شبكة الانترنت، لأنها تمثل الرؤية الواضحة لهذه المؤسسات.اعلام. صحافة . جرائد
وتجدر الإشارة إلى أن التغير في أنماط وأدوار وسائل
الإعلام يحتم على المؤسسات الإعلامية التطور والتغير، ومواكبة ما استجد في العالم،
ومن هنا يقع على عاتق المؤسسات الإعلامية في الوطن العربي المسؤولية الكبرى في إعداد
إعلاميين وصحافيين قادرين على مواكبة كل ما هو جديد من النواحي الاجتماعية والثقافية
والتقنية، بحيث يكون لديهم القدرة والمعرفة التامة على اكتساب وتحليل تلك المعارف،
ونظراً للمكانة المتميزة التي تعطيها الدول المتقدمة للمؤسسة الإعلامية فقد أخذت الدراسات
والبحوث في قضايا الإعلام التقليدي والجديد مكاناً بارزاً، وأصبحت مجالاً من مجالات
النشاط البحثي. وقد استطاع هذا المجال أن يتسم بخصائص فارقة في موضوعاته واهتماماته.
ومما يستحق المصارحة عند تشخيص واقع المؤسسات الإعلامية في الوطن العربي الإشارة إلى
حالة الجمود التي تسود تلك المؤسسات على المستويات كافة؛ وبناءً على ما سبق أصبحت المجتمعات
الحالية تعتمد بشكل كبير فى تأدية وظيفتها على الاتصال الجماهيرى، وعلى عمليات تداول
الأفكار والمعلومات، مما جعل مجال الرأى العام مجالاً حيوياً للباحثين والإعلاميين
ليؤدى كل منهما دوره من خلاله، وكنتيجة لأهمية الرأى العام وتأثيره على القيادات والمؤسسات
وعلى السياسات العامة للدول، فقد أضحى الاهتمام بدراسات الرأى العام وتطوير أساليب
معرفة نتائجها يأخذ حيزاً كبير لدى العديد من باحثى العلوم السياسية والاعلامية على
حد سواء . وتجدر الإشارة إلى أن مصطلح الرأى العام يُشير إلى اتجاه جماعة إزاء مشكلة
أو حادثة ما، سواء كانت هذه الجماعة تمثل كافة أفراد المجتمع، أو الفئة التى تتأثر
بالمشكلة. وهنا لابد من الإشارة إلى آلية الأدوار الجديد لوسائل الإعلام، حيث لا يقتصر
عمل المؤسسات الإعلامية على إنتاج المعلومة وتداولها، وإنما يحتاج إلى ثقافة صادقة
للمعلومات التي تنتجها تلك المؤسسات الإعلامية.
ولما كانت وسائل الإعلام مطالبة بتطوير بنيتها وفقاً لتشكيل الرأي العام
الصحيح؛ فإن ذلك لن يحدث إلا من خلال تطوير نظمها وبرامجها وسياساتها وفقاً للأدوار
الجدية لوسائل الإعلام. وانطلاقاً مما سبق يصبح من الضَّروري أن تقومَ المؤسسات الإعلامية
بتنمية التفكير المتصل بالأدوار الجديدة لوسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام حتى تُمكنَهم
من التعامل الإيجابي مع ما يستجد من التطورات والتغيرات الحاصلة في العالم. فالمؤسسة
الإعلامية ينبغي أن تكون أكثر تنوعاً في موضوعاتها بما يتناسب والغايات الاجتماعية
والثقافية والتقنية للأدوار الجديدة للإعلام.
كلية الصحافة والإعلام / جامعة الزرقاء / الأردن