مشكلة الجزائر ليست في عدم وجود سلطة قادرة ومقتدرة
على تسيير هذا البلد الشاسع فقط، بل الأمر أصبح شبه أكيد بأن البلاد لا تتوفر على
"شعب" بإمكانه أن يكون شعبا
جديرا بالسيادة على هذه الأرض الشاسعة.
1- الحكومة منهارة، ولكن الشعب الغاضب عنها
لم يستطع إسقاطها، والمعارضة هزيلة كبقرة الهندوس، ويكاد الجلد السياسي يلتصق بالعظم
التنظيمي لهذه المعارضة، ومع ذلك لم يستطع هذا الشعب إنهاء مهام هذه المعارضة ولا حتى
إقلاق هذه الحكومة وإسقاطها وهي ساقطة لوحدها.
2- من المضحكات السياسية في جزائر الهوان أن
زعيم "أكبر" حزب سياسي في البلاد، وهو الأفلان، قال سأرد بعد شهر على خصومي
السياسيين، الذين طالبوا بتنحيه ! والحمد لله أنه لم يقل بأنه سيرد عليهم بعد سنة
2019. وإذا كان سعداني يحتاج إلى شهر كامل كي يرد على أهل الكهف الذين طالبوا الرئيس
أن ينهي مهام سعداني خدمة للبلاد والجبهة، فكم يحتاج سعداني كي يضع برنامجا سياسيا
واقتصاديا يدخل به الانتخابات نصرة للرئيس بوتفليقة في التشريعيات القادمة؟
3- حتى مقري، زعيم "حمس" جرفه تيار
جارف داخل هذا الحزب نحو العودة إلى أحضان السلطة، فاقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد
التشريعيات القادمة، ومعنى هذا الكلام أن حكومة التشريعيات القادمة ستكون مشكّلة من
تحالف الثلاثي "سعداني – أويحيى- مقري"، لكن لا مقري ولا سعداني يمكنه أن
يضمن وصول حزبه إلى التشريعيات القادمة دون أن تلهب البلاد في وجوههم، كما لهبت الجبال
في هذا الصيف الحار.
4- الأفافاس هو الآخر استشعر الحرائق القادمة
في الجبهة الاجتماعية والسياسية، فأعدّ خراطيم المياه لإطفاء هذه الحرائق بما يسميه
بـ"الإجماع الوطني".. هكذا أصبحت المعارضات المتعددة تخاف على النظام أكثر
من المعارضات المتعددة الموجود داخل النظام نفسه.
الرئيس بورقيبة رحمة الله عليه قال: "العريان
لا يلتقي مع العريان إلا في الحمّام..." وتخيّلوا اجتماعا وطنيا بين سعداني وأويحيى
ومقري في بيت السخون بحمام بومدفع، والأفافاس يكسيهم بكياسة الإجماع الوطني !
وضعنا أصبح فعلا أكثر من مضحك، بلدنا تمارس فيه
السياسة والحكم بصورة أسوء من مستوى النسوة في الحمّام. فلا تلومونني إذا مارست أنا
أيضا الصحافة بعقلية طيّابات الحمّام.