-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

ما معنى نجاح الثورة؟ نجلاء الباز

على فكرة بعض الناس الثورجية فكرها معكوس تماما. مش وصول الاسلاميين للحكم هو اللي هيثبت نجاح الثورة! الثورة في جوهرها ثورة تحديث واصلاح ونهوض
بالوطن. وأد الثورة هو في وصول الاسلاميين للحكم كثمرة لتغيير زائف ازاح الفساد لبناء دولة ثيوقراطية تقضي على حق التصدي للسلطة واعتماد الشعب كمصدر لشرعية الحكم. أما في حالة وجود فترة انتقالية (لأنها لن تزيد عن 5 سنوات) يقودها من يتم ادراجهم والزج بهم في خانة “الفلول”، فتكون الثورة المصرية قد حققت الأهداف التالية
أولا: قضت على التوريث، وحررت مستقبل الوطن من اغلاله
ثانيا: فرضت واقع جديد من ادراج الارادة الشعبية كعنصر مؤسس للشرعية
ثالثا: كرست مبدأ الرقابة الشعبية على الأداء السياسي وحق الشعب في الاحتجاج والمحاسبة
رابعا: اسست حياة حزبية حقيقية قائمة على التنوع وفتحت الباب لتداول السلطة مستقبلا
خامسا: ارست نموذج عقلاني يتحيز لبناء الدولة وتحديثها داخليا، لا هدمها
سادسا: حققت ولو بعضا من شعاراتها الهادفة لرخاء اقتصادي يضع مصلحة المواطن العادي ورزقه وأمان اسرته على رأس اولوياته، فلا كرامة ولا عيش ولا عدالة مع الفقر وغياب الأمن
سابعا: حافظت على مبدأ المواطنة، دعامة الديمقراطية والهوية المصرية
ثامنا: صانت دماء الشهداء الذين لم يضحوا بارواحهم في خصومة مع اشخاص أو طبقة حاكمة، بل بذلوها في سبيل حلم الدفع بالوطن نحو مستقبل افضل
تاسعا: انقذت مصر من السيناريو الاسود الذي واجهته سائر بلاد “الربيع العربي” وتصدت لمشروع الاسلام السياسي الذي يهدد كل ما سبق ويسعى لجعل مصر مجرد امارة تابعة لامة اصولية، تعادي المختلف ولا تعرز نبتة واحدة في ارض الوطن
عاشرا: اثبتت للقوى الغربية أن الثورة مصرية 100% ولا يمكن لجماعات ممولة أو لدول خليجية مأجورة أن تقوم بدور المندوب السامي في المنطقة
 لنتخيل السيناريو الآخر لو استطعنا مجرد التخيل. تتفتت أصوات التيار الداعم للدولة المدنية بين مرشحين لا فرصة لهم في الفوز لمجرد انانية شخصية وتضخم للذات لا يستطيع البعض كبح جماحه، أو تسجيل موقف لاثبات الطهارة الثورية، أو محاولة للكم الواقع في انفه في مشهد دونكيشوتي يصلح لاكمال ملامح الكوميديا السوداء.. من المسفيد في هذه الحالة؟
 يسدل الستار على تولي الاسلاميين للحكم وانفرادهم التام بالسلطة: رئاسة وبرلمان وحكومة. ثم نغرق في السفسطة ونقول “ثورة تاني من جديد” لو حاولوا يلعبوا بديلهم.. كأننا نتوقع أن ديلهم قابل للتهذيب مثلا، أو أننا مجموعة من المعاتيه فاقدي الاهلية الذين سقط عنهم التكليف لأنهم لا يتعلمون أبدا من التجارب التي نمر بها مهما كانت موجعة ومهما كانت الخسائر مفجعة
 لكني ابشركم احبائي أن هذه ستكون الغلطة الأخيرة في سجلنا المتضخم، فليس بعد الاتيان بالحكم الديني أي فرصة لتعظيم المأساة، وسنمر بالمسار التاريخي الطبيعي الذي مرت وتمر به الدول التي اختارت هذا المصير
 من لا يعرفني جيدا قد يظن أنني اثبط الهمم في دعوة للاستسلام، مع أني قد بدأت بالجانب الايجابي والمكاسب التي يمكن أن تحققها الثورة في حال التزامها بجوهر الشعارات وادراك أن الحركة الثورية هي وسيلة وليست غاية في حد ذاتها. لكني سألتمس لهم العذر وأقول ما أقوله دوما، الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، والثورة التي لا تضع المصلحة العامة في الاعتبار هي ليست بثورة، والعبث بمقدرات البسطاء هو شوفينية لا تقل في جرمها عن ديكتاتورية الحكام
 مشكلتنا في الشرق كشعوب عاطفية أننا نقدس الشعارات والكلام الأجوف الرنان ونحتقر الفعل والعمل. والمثقفين في الشرق أكثر طرفا من اقرانهم الغربيين، يأكلون ويشربون ويلبسون ويتنفسون الكلام المعسول ويحلقون في سماء المثالية، وبين الحين والآخر يرمقون الشارع بنظرة يشوبها الاشمئزاز تارة والتعاطف تارة واللامبالاة تارة. شعوب نمت من رحم الاساطير والسحر والكلام.. وهذا لا يقلل من قيمتها، فقد قضيت عمري في دراسة الاساطير والسحر والكلام. لكن الأمانة العلمية تحتم علي الآن أن أقول الدوامة قد استحكمت حلقاتها، وأن الثورة الحقيقية تكمن في كسر هذه الحلقات والنزول إلى أرض الواقع لغرس نبتة، لبناء دولة، لصناعة مستقبل لأولادنا واحفادنا

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا