فخامة الرئيس، لقد أمضيتُ عطلة نهاية الأسبوع أتأمل
البوسترات التي تهنّئك بـ"انتخابك" سلفاً. لا بأس. هيدا لبنان. بعد ساعات
قليلة من صدور هذا المقال، ستكون
قد أصبحتَ فعلاً رئيساً للجمهورية، بأصوات النوّاب
الممدِّدين لأنفسهم في مجلسٍ للنواب غير شرعي، بحسب قولكَ المشهور. سأعتبر هذا الأمر
من الماضي، ومن الآن فصاعداً ستكون رئيساً لجمهوريتنا الموجوعة، وستفي بالوعود، وتحقّق
الأحلام التي لطالما تعهدتَ بتنفيذها.
أرجو منكَ أن تعذر صراحتي كوني واحدة من حالمين
كثر بلبنان مختلف، وبدولة تنهض من عثرتها المأسوية، وتستعيد كرامتها.
لأجل ذلك سأسألكَ اليوم بقوة: ماذا ستفعل حكومتكَ
العتيدة بالفساد، والمفسدين، والفاسدين؟
سأسألكَ أيضاً بالقوة نفسها: ما الإجراء الفوري
الذي ستتخذه حكومتكَ لوقف النزف الشبابي الهائل، وللحؤول دون تفريغ الجمهورية من أجيالها
الصاعدة؟
لن أكفّ، من بعد إذنك، عن إحراجكَ بسؤال ثالث مضن:
هل يمكن حكومتكَ أن تعد المرأة اللبنانية (بصفتي امرأةً مدنيةً تناضل للمساواة بين
المواطنين) بلزوم إقرار الكوتا النسائية في مجلس النواب، وفي الحكومة، وفي وظائف الدرجة
الأولى؟ علماً أن هذه الكوتا ليست الحلّ المثالي في رأيي.
سؤال رابع ملحّ: هل نستطيع أن نحلم، نحن جماعة الناشطين
في سبيل مجتمع مدني راقٍ مطهّر من لوثة الطائفية، بأن الزواج المدني سيصير واقعاً خلال
عهدك؟
فخامة الرئيس، أريد منكَ أن تقول للمواطنين ما الذي
ستفعله حكومتكَ لتسيير شؤون الناس في دوائر الدولة التي يأكلها الإهمال والروتين والبيروقراطية؟
ثمّ، هل يمكن حكومتكَ أن تعد الناس بالحصول على
فاتورة واحدة للكهرباء والماء، من دون اللجوء إلى شرائهما بأغلى الأسعار، ودفع فواتير
إضافية ينوء تحتها المواطن العادي؟
ربما تجدني "أصعّبها" عليك: لكنك أنت
الذي وعدت مؤيّديكَ بالمنّ والسلوى، ووعدتَ خصومكَ بأنهم لن يضطروا بعد الآن إلى مخاصمتكَ،
لأنكَ ستجعل لبنان جنةً للديموقراطية في هذا الشرق. لذلك سأسألك ببساطة: كيف ستفعل
ذلك كله؟
فخامة الرئيس، دعنا لا ننسى الذين استُشهدوا دفاعاً
عن شعاراتكَ وأفكاركَ ومواقفكَ، ودخلوا السجون بسببها، وتعرّضوا لأبشع أنواع الإهانات
والتعذيبات: فماذا ستفعل من أجل القيم التي آمنوا بها، وضحّوا بحياتهم في سبيلها؟ ألا
يجوز لي أن أسألك، في هذا السياق، عمّا سيكون موقفكَ الواضح الصريح من التورط اللبناني
في الدم السوري؟
فخامة الرئيس، من واجبي أن أنقل إليكَ الشعور الكبير
باليأس والريبة والإحباط لدى الكثيرين. سؤال أخير "شخصي": والدي الذي لا
يزال مؤمناً بكَ، هل سيُصاب بالخذلان؟
Joumana.haddad@annahar.com.lb / Twitter: @joumana333