-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

حكايات من إندونيسيا المسلمة : عبد الجواد سيد عبد الجواد

الحكايات التى سأرويها هنا، هى حكايات حقيقية، شاهدتها بنفسى فى أجازتى الحالية فى إندونيسيا، وهى حكايات بسيطة، عاصرت كثيراً مثلها قبل ذلك، أثناء حياتى الطويلة
السابقة هنا، كما أنها تبدو حكايات عادية جداً بالنسبة للعالم المتحضر، أما وإننى قد عدت مؤخراً، وبعد فترة غياب طويلة فى شرقنا الأوسط، الذى أصبح القتل فيه على الهوية، فقد بدت لى حكايات غريبة مذهلة، ولايعنى الترتيب الذى سأرويه بها هنا، أى أهمية لحكاية على الأخرى، فكلها تصب فى سياق واحد، ولكنه مجرد تداعى أفكار.
 الحكاية الأولى، هى حكاية ياياو، وهى فتاة إندونيسية مسيحية، كانت هى وأسرتها جيراناً لنا، منذ زمن بعيد. كانت ياياو جامعية، مثقفة، نشطة فى الوسط المسيحى، ولها حضور دائم فى الكنيسة، ثم عرفت فجأة، أنها قد تزوجت إندونيسى مسلم، وإعتنقت الإسلام. لم يبد الأمر غريباً فى ذلك الوقت، لإننى كنت مازلت أعيش بعيداًعن المحرقة الشرق أوسطية، كما إننى كنت أدرك جيداً، أن حرية العقيدة، هى أحد المبادئ الأساسية فى المجتمع الإندوتيسى. جاءت ياياو، هى وأسرتها المسيحية- أمها وإخوتها – وزوجها المسلم، وأبنائها المسلمين، لزيارتنا فى عيد رأس السنة الميلادية الماضى. جلسوا معنا كأنهم جسد واحد، وروح واحدة، يجمعهم الحب، وتشملهم السعادة، وتحدثنا فى ذكرى الجد (ماضى) الذى فارق الحياة قبل زمن قصير، بينما كانت الجدة المسيحية، تداعب أحفادها المسلمين- أبناء ياياو- فى هدوء وسلام؟
الحكاية الثانية، هى حكاية أندريان، وهو شاب كندى مسيحى، يعمل فى أحد الشركات العالمية، التى تعمل فى مجال التنقيب عن الذهب فى إندونيسيا، وقد إلتقى أندريان بنسمة وأحبها، وهى فتاة إندونيسية مسلمة من أصول يمنية، وصديقة لإبنتى ديفى، ومن أجل نسمة تحول أندريان إلى الإسلام، وتزوجا، وأنجبا منذ شهورقليلة، طفلة جميلة، سمياها عائشة. سعدت عائلة أندريان بزواجه،وحضرت كلها من كندا لحضورالزفاف، ثم حضرت مرة أخرى لرؤية عائشة، الطفلة المسلمة، التى أصبحت أغلى فرد فى حياة عائلة أندريان المسيحية؟
أما الحكاية الثالثة، فهى الحكاية التى لفتت نظرى فعلاً، فقد حدثت فى عائلة زوجتى راتنا، وفى بيت خالها بالتحديد، ولم أكن أعرف بها من قبل، كما أنها قد حدثت بعيداً عن العاصمة جاكرتا، فى مدينة إسمها سولو،تعتبر من مدن الأقاليم، حيث كنت أظن- خطأًً- أن درجة التسامح الدينى، أقل مما هى عليه فى العاصمة. كنا فى زيارة لمدن وأقاليم جزيرة جاوة، وأثناء العودة كنا نتوقف فى أى مدينة بها أقارب لزوجتى، لنزورهم زيارة سريعة. كانت آخر زيارة هى لعائلة خالها فى مدينة سولو. كانت العائلة(المسلمة) كلها فى إنتظارنا، بإستثناء الإخوين الرجلين، الذين كانا غائبين فى عملهما بعيداً عن سولو. كان هناك الأب والأم وبناتهم الثلاث، سوسى ودوى وجولى، ومعهن أطفالهن . كنت أعرف سوسى، أما دوى وجولى، فقد كانت تلك هى المرة الأولى التى ألتقى فيها بهما. لاحظت أن كل منهما تضع صليباً على صدرها. تصورت أن ذلك مجرد حلية. قضينا معهم بعض الوقت، وقد جمعهم نفس الحب، ونفس السعادة التى جمعت عائلة ياياو. وبعد إنصرافنا خطر لى أن أسأل زوجتى عن الصلبان، فأجابتنى بهدوء – أنهما مسيحيتان ، لقد تحولتا إلى المسيحية بعد زواجهما من مسيحيين إندونيسيين، هكذا بكل بساطة ، نعم هكذا بكل بساطة، يبدو إننى قد نسيت،إن هذا يحدث كل يوم، وفى أى مكان فى إندونيسيا، دون أن يهتم أحد، لقد أصبح الدين أخيراً مسألة شخصية، وحق من حقوق الإنسان، فى هذه البلاد المسلمة، كما هو فى كل بلاد العالم المتحضر؟ والغريب أن الشعب الإندونيسى المسلم، الذى حقق أخيراً تلك المعادلة الصعبة، يعود فى مرجعيته الدينية إلى أزهر مصر؟

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا