في إطار ندواته الشهرية، قدّم نادي محمد بن قطاف بالمسرح الوطني الجزائري، ندوة تحت عنوان ”الشعر الملحون: من الغزل الوجداني إلى الدعوة للمقاومة” قدمها
البروفيسور عبد الحميد بورايو أستاذ الأدب الشعبي بجامعة الجزائر.
ودقّ بورايو ناقوس الخطر بسبب ما يتهدّد الثقافة الشعبية الجزائرية نتيجة غياب الاهتمام بها على المستويين الرسمي والشعبي، إلى درجة أنّه أصبح لدينا ”ثقافة رسمية وأخرى شعبية تتقاربان حينًا وتتباعدان حينًا آخر”.
ولاحظ بورايو أنّ هناك ”نوعاً من الكسل” لدى الجزائريين في العناية بالثقافة لصالح الاهتمام أكثر بالجوانب المادية، على عكس ما يحدث في الغرب الذي تولي أممُه الماديات والثقافة المنزلة نفسها من العناية. ولتلافي اضمحلال الثقافة الشعبية بتجلياتها العربية والأمازيغية، دعا الباحث إلى ضرورة تأهيل رواة وحكّائين متشبّعين بالثقافة الشعبية لينقلوا التراث إلى الأجيال عبر المدارس ودور الثقافة والمسارح، ضاربًا مثلا بالتجربة الناجحة التي خاضتها تونس في تأهيل حكّائين قام أحدهم بتقديم تاريختونس في القرن التاسع عشر ولاقت تجربته قبولا واسعا لدى الجمهور.
وثمّن بورايو تجربة الراويات التي أطلقتها مدينة تيزي وزو من خلال مهرجان الحكي، وهي تجربة استهدفت تأهيل رواة من النساء لتقديم التراث الشعبي في شكل حكايات أمام الجمهور لإعادة ربطه بتراثه الذي كاد يندثر تحت طائلة الكثير من العوامل التي أجملها بورايو في التوجُّهات الكبرى المميّزة للثقافة الجزائرية بعد الاستقلال سنة 1962، حيث اعتبر أنّ جمعية العلماء المسلمين مثّلت يومذاك أهمّ تلك التوجُّهات بخصوصياتها العروبية الإسلامية المحافظة التي لا تُؤمن بالثقافة الشعبية ولا تُعيرها أيّ اهتمام، بل كادت تنفيها، خاصة مع تحوُّل هذا الطرح الذي تمثّله الجمعية إلى سياسة ثقافية.
أمّا التوجُّه الثاني بحسب بورايو، فيُمثّله التيار الفرانكفوني المتشبّع بالثقافة الغربية، والذي يرى أنّ على الجزائريين أن يتماهوا مع الثقافة الغربية، وأن يبتعدوا عن تمثُّلات الثقافة الشعبية التي كان هذا التيار ينظر إليها على أنّها مجرد فنون تقليدية متخلّفة. وقد أدّت هذه التجاذبات إلى نوع من الصدمة والقطيعة لدى المؤسستين الرسمية والتعليمية مع الثقافة الشعبية.
وأوضح بورايو أن ممّا زاد الطين بلّة ”فكرة القفز فوق الواقع الذي عاشته الجزائر مع ظهور الحركة الإسلامية في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي التي كانت قائمة على فكرة التحريم وشملت مجالات عديدة منها الغناء، الرسم، النحت، الأداء الفني، والمسرح”. وأمام هذه الرغبة الجامحة لدى بعض الأوساط لإحداث قطيعة لا رجعة فيها مع التراث والثقافة الشعبية، قال بورايو إنّ على مؤسسات الدولة أن تلعب دورها الضابط لإيقاعات هذه الأصوات من أجل ”خلق ثقافة وطنية” تعتمد على التواصل بين الفنون المنتشرة عبر جهات الوطن وإيجاد قنوات للحوار بين الخصوصيات الوطنية، بغية إرساء دعائم الانسجام، مؤكداً أن هذه الأهداف لا يُمكن تحقيقها إلا بوضع استراتيجيات واضحة وناجعة في المجالات الثقافية والتعليمية، والعناية بتكوين الموارد البشرية التي تشتغل في الحقل الثقافي، وتوفير أرشيف يحفظ التراث الثقافي الشعبي ويضعه في متناول الباحثين والمهتمّين مع مراعاة متطلبات الواقع.
البروفيسور عبد الحميد بورايو أستاذ الأدب الشعبي بجامعة الجزائر.
ودقّ بورايو ناقوس الخطر بسبب ما يتهدّد الثقافة الشعبية الجزائرية نتيجة غياب الاهتمام بها على المستويين الرسمي والشعبي، إلى درجة أنّه أصبح لدينا ”ثقافة رسمية وأخرى شعبية تتقاربان حينًا وتتباعدان حينًا آخر”.
ولاحظ بورايو أنّ هناك ”نوعاً من الكسل” لدى الجزائريين في العناية بالثقافة لصالح الاهتمام أكثر بالجوانب المادية، على عكس ما يحدث في الغرب الذي تولي أممُه الماديات والثقافة المنزلة نفسها من العناية. ولتلافي اضمحلال الثقافة الشعبية بتجلياتها العربية والأمازيغية، دعا الباحث إلى ضرورة تأهيل رواة وحكّائين متشبّعين بالثقافة الشعبية لينقلوا التراث إلى الأجيال عبر المدارس ودور الثقافة والمسارح، ضاربًا مثلا بالتجربة الناجحة التي خاضتها تونس في تأهيل حكّائين قام أحدهم بتقديم تاريختونس في القرن التاسع عشر ولاقت تجربته قبولا واسعا لدى الجمهور.
وثمّن بورايو تجربة الراويات التي أطلقتها مدينة تيزي وزو من خلال مهرجان الحكي، وهي تجربة استهدفت تأهيل رواة من النساء لتقديم التراث الشعبي في شكل حكايات أمام الجمهور لإعادة ربطه بتراثه الذي كاد يندثر تحت طائلة الكثير من العوامل التي أجملها بورايو في التوجُّهات الكبرى المميّزة للثقافة الجزائرية بعد الاستقلال سنة 1962، حيث اعتبر أنّ جمعية العلماء المسلمين مثّلت يومذاك أهمّ تلك التوجُّهات بخصوصياتها العروبية الإسلامية المحافظة التي لا تُؤمن بالثقافة الشعبية ولا تُعيرها أيّ اهتمام، بل كادت تنفيها، خاصة مع تحوُّل هذا الطرح الذي تمثّله الجمعية إلى سياسة ثقافية.
أمّا التوجُّه الثاني بحسب بورايو، فيُمثّله التيار الفرانكفوني المتشبّع بالثقافة الغربية، والذي يرى أنّ على الجزائريين أن يتماهوا مع الثقافة الغربية، وأن يبتعدوا عن تمثُّلات الثقافة الشعبية التي كان هذا التيار ينظر إليها على أنّها مجرد فنون تقليدية متخلّفة. وقد أدّت هذه التجاذبات إلى نوع من الصدمة والقطيعة لدى المؤسستين الرسمية والتعليمية مع الثقافة الشعبية.
وأوضح بورايو أن ممّا زاد الطين بلّة ”فكرة القفز فوق الواقع الذي عاشته الجزائر مع ظهور الحركة الإسلامية في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي التي كانت قائمة على فكرة التحريم وشملت مجالات عديدة منها الغناء، الرسم، النحت، الأداء الفني، والمسرح”. وأمام هذه الرغبة الجامحة لدى بعض الأوساط لإحداث قطيعة لا رجعة فيها مع التراث والثقافة الشعبية، قال بورايو إنّ على مؤسسات الدولة أن تلعب دورها الضابط لإيقاعات هذه الأصوات من أجل ”خلق ثقافة وطنية” تعتمد على التواصل بين الفنون المنتشرة عبر جهات الوطن وإيجاد قنوات للحوار بين الخصوصيات الوطنية، بغية إرساء دعائم الانسجام، مؤكداً أن هذه الأهداف لا يُمكن تحقيقها إلا بوضع استراتيجيات واضحة وناجعة في المجالات الثقافية والتعليمية، والعناية بتكوين الموارد البشرية التي تشتغل في الحقل الثقافي، وتوفير أرشيف يحفظ التراث الثقافي الشعبي ويضعه في متناول الباحثين والمهتمّين مع مراعاة متطلبات الواقع.