رحب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين ترحيبا خاصا بافتتاح أول جلسة في تونس للنظر في قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في الفترة بين يوليه 1955 وديسمبر 2013.
وفي بيان صدر عن مكتبه اليوم الأربعاء، هنأ زيد الحكومة والشعب التونسي على إصرارهم من أجل تحقيق العدالة بينما تعثرت دول أخرى كثيرة في ذلك، لا سيما في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وقال "إنها فعلا لحظة تاريخية، تبدأ من خلالها تونس مرحلة جديدة في مكافحة الإفلات من العقاب."
وكانت هيئة الحقيقة والكرامة في تونس، التي أنشئت في بداية يونيه 2014، قد قامت في الأشهر القليلة الماضية بتحويل أول عشرة ملفات إلى الدوائر الجنائية المتخصصة، التي استحدثت أيضا في العام نفسه في إطار منظومة رائدة للعدالة الانتقالية بعد سقوط حكومة بن علي الاستبدادية في يناير 2011.
وتنظر الدوائر المتخصصة في الملفات المحالة إليها من قبل هيئة الحقيقة والكرامة، والمتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية والاختفاء القسري والقتل والتعذيب والعنف الجنسي وانتهاكات أخرى جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها الأنظمة السابقة على مدى فترة 60 سنة تقريبا. ووفقا لقانون العدالة الانتقالية، تطبق هذه الدوائر القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وبحسب البيان، سجلت هيئة الحقيقة والكرامة منذ عام 2014 نحو 65 ألف مطلب من ضحية، ربعهم من النساء. وقامت الهيئة بإجراء 49 ألف جلسة استماع فردية و14 جلسة استماع علنية، واعتمدت استراتيجية للملاحقة القضائية تمكنها من تحديد أنماط الانتهاكات وسلاسل الأوامر التي تسمح بحدوث انتهاكات جسيمة وممنهجة.
وكان البرلمان التونسي قد صوت في مارس الماضي على عدم تمديد ولاية الهيئة لمدة عام، مما أثار اعتراضات شديدة واحتجاجات من جانب العديد من السياسيين والأكاديميين والمحامين وعامة الشعب.
في أعقاب ذلك، تواصل الضحايا وأسرهم مع مكتب المفوضية في تونس "وأبدوا إحباطهم وقلقهم العميق بشأن ما قد يحدث للشكاوى التي قدموها، وما قد يحدث للمسار برمته،" حسبما قال زيد، مشيرا إلى "مشاطرة هذه المخاوف."
وبعد أن توصلت هيئة الحقيقة والكرامة والحكومة إلى اتفاق يمكن الهيئة من إكمال مهمتها، بما في ذلك إحالة ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والمتبقية إلى الدوائر الجنائية المتخصصة،" أعرب المفوض السامي عن أمله الشديد في أن يتيح ذلك لمسار العدالة متابعة سيره بسلاسة صوب تحقيق أهدافه.
وأشاد زيد بمسار العدالة الانتقالية في تونس، الذي "يعد مثالا إيجابيا للغاية ونموذجا يحتذى به بالنسبة لبقية دول العالم بصفة عامة، وشمال أفريقيا والشرق الأوسط بصفة خاصة." وحث الحكومة التونسية على مواصلة الالتزام بالمسار، واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان حق الضحايا في معرفة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار وذلك وفقاً للقواعد والمعايير الدولية.