لم يتخيل أحد من أبناءبلدة الرمالي بالمنوفية ، بأن حريقاً سيشب بمقلي للب والسوداني داخل القرية ، فيقتل خمسة من أبناء القرية وهم في ريعان شبابهم !! ثم يأبي الحريق أن
يتنحي عن كوارثه أو يقف عند ذلك الجُرمْ، ولكن إمتدت نيرانُه وألهبتُه لتحرق خمسة شباب آخرون ، فجعلهم يصارعون الموت بالمستشفي ، لعلَ الله أن يكشف عنهم ما لحق بهم من ضُر!!
مُصيبة أصابت شباب الرمالي بقويسنا في شهر رمضان الفضيل، وجعلت الدموع تنهمر بغزارة وتفيضمن أعْيُن البكَائين حُزناً علي كل فقيد ومُصاب في حريق القرية الغاشم!!
وجعلتُ أسْأل نفسي ،أكان من بين محتويات المقلي ، ما هو سريع الإشتعال ؟! ، فالمقلي كان بداخلها فُرنْ للقليْوأربع إسطوانات للغاز الطبيعي كبيرة الحجم ، وكميات من عُبوَاتالبيرسول ، وأدواتلإشعالالفرن وكمية من السجائر..وربما وُجِدَتْ المُعلبات البلاستيكية التي تُباع مع لوازم السبوع ، وجميعالأشياء المذكورةتشتعلكالبرق !!إذنفالكارثة كانت علي مقربة منا ونحن لا ندري ، ثم وقعت الكارثةبالفعل، فأهلكتخمسة أنفس بُرءاء ،بعدما أرهقها العناء من عذاب الحريق بضع أيام وليالي ..أما دولة القانونالمُغَيَبْ ومسئولي الأمن الصناعي الذين كانوا في نُعاس ، فكان إهمالهم في تحرِي الدقة في قانونيَةْمشروع المقلي ومحتوياتهالخطيرة وخاصةً البيرسول، جزءاً كبيراً من حدوث الفجيعة!!
الأقوال تضاربتحولكيفيةإحتراق مقلي الرمالي بقويسنا ، وأرجح الأقوال بأن السبب هو تسريب الغاز الطبيعي من خلال الخرطوم المتصل بفرن القَليْبعدإشعال الفرن بفترة قصيرة ، والذي أدي لسرعة إشتباك وإنتشار النيران في باقي أرجاء المحل ، وما زاد حجم البلاء والكارثة ، هو وجود عُبوَات البيرسول بجوار النيران ، فكانت العبوَاتتسخن من شدة النار فتشتعل وتنفجر في وجوه المُطفئين ، الواحدهتِلو الأخري ، لقد كانت عُبوَات البيرسول بمثابة القنابل المُدوية في وجوه من تقدموا للإطفاء، كان سِحرْ البيرسول عجيباً، وكأنه هو السلاح القاتل الذيقضي علي أنفُسالأبرياء !!
لم يُكْتَبْ لمواجهي الحريق ، أن يفلت أحدهم من الضُر.. ولم يطَلعأحد منهمالغَيْبَ فيعلم بأن عاقبة صنيعهموخيمة وأليمة، وأن الموت مُدرك نصفهم أو يزيد!!
ومع تأجج نيران الحريق، وصدْمة المطفئين أمام الطريقة التي إنفجرت بهاعبوَات البيرسول ، كانت فرص النجاة من الموت ضئيلة جداً ، حتي أن بعضهم أُصيب بتسمم دموي إما نتيجة لتعَرُضه لغاز البيرسول ، شديد الأذي للجهاز التنفسيوالرئتين ،أو ربما أنالميكروبات كَستْلحومالأبرياء ، المتساقطة جلودهم ، فتمكن المرض من أجسادهمففتك بمَنْ فَتَكَمنهم بلا هواده!!
ثم أن أنابيب الغاز بداخل مقلي الرمالي، لو أنها إنفجرت كذلك ، لكانت تحولت الكارثة إلي كوارث..كان سينفجر العقار الواقع أسفل المقلي ، وربما تصدعت معهعقارات مجاورة ، ولسقط العشرات والعشرات من الضحايا من بين قتلي وجرحي، ولكثرت الأشلاء وتلطخت جميع الأرجاء بالدماء !!
لم يأتي في مُخيِلةْ أحد بأن حريق الرماليالشرس سيُفضي إلي هلاك نِصفْ من واجهوه ، غير آمنينلمكْرِهْ، أو آخذين حِذرهم ، رغم إستخدامهم طفايات الحريق والمياه لإقصاء النيران!
كانت أجسادهم تتألم من عذاب الحروق ، بل كادت جروحهم أن تصرخ من العذاب الذي هُمْ فيه ، بعدما تأخرت سيارة الإسعاف عن الحضور لحمل هؤلاء المحروقين.. لم تحضرالإسعاف إلا بعد الحادثة بساعة ونصف الساعة تقريباً ، رغم أن المسافة بين قرية الرمالي ومستشفي قويسنا لا تتعدي زمنياً قرابة عشرون دقيقةفقط ، بعدها حملت الإسعاف أهل البلاء إلي مستشفي قويسنا المركزي ، التي إمتنعت عن علاج ذوي الحروق، بحجة أنها غير مؤهلة لعلاج مصابي الحروق !!
كان عامل الوقت هام جداً في ذلك الظرف الحرج ، ورغم ذلك فإن تأخُرْسيارة الإسعاف ، أدَي لضياع كثير من الوقت ، وجعل صحة الضحايا في خطر مُؤكد ، وبعدهاتم نقلهم إلي المستشفي الجامعي بشبين الكوم ، والتي رفضت – كذلك – علاج المصابين ، فشَرَع َمرافقوأصحاب البلاءفي البحث عن مستشفي خاص لإنقاذ حيواتهم!
وربما لعدم وجود الكفاءة الطبية الكافية أو بسبب عامل الإهمال داخل المستشفي الخاص التي عُولِجَ بها المصابونأو ربما بسبب إرتفاع نِسبْ الحروق بأجسادهم ، ساءت حالاتهم يوماً بعد يوم ، فمعظم المحروقين كانوا يتعرضون لأعراض مرضية واحده ، وهي إرتفاع شديد في درجة حرارة الجسم ، ثم تتم الوفاة بعدها بساعات ، حتي فوجئنا بأرواح ثلاثة من شباب الحريق تفيضلبارئها سوياً في يوم واحد ، وفي اليوم التاليلحقت بهما روحالفقيد الرابع ، ثم لحقتروح الفقيد الخامس بهم في اليوم الذي تلاه !!
ليظل شهر مايو من عام 2018 ميلادية ، مُخلِداً لذكري شهداء الحريق ،وليسكن الحزن طويلاً داخل أفئدة أمهات قرية الرمالي ونسائها وشيوخها ، عرفاناً بفضل أصحاب الأرواح الزكية الذين لاقوا الموت ،غير فارين منه..ماتوا لكي نحيا ونأمن من خوف.
تضرُع ودعوات لمَنْ قبضهم الموت في المُصاب الأليم بأن يرحمهم الله ، وأن يَلْطُفْبمن لا يزالوا يتوجعون من آثارالحريق الذي بطشْ !!
amirshafik85@yahoo.com
يتنحي عن كوارثه أو يقف عند ذلك الجُرمْ، ولكن إمتدت نيرانُه وألهبتُه لتحرق خمسة شباب آخرون ، فجعلهم يصارعون الموت بالمستشفي ، لعلَ الله أن يكشف عنهم ما لحق بهم من ضُر!!
مُصيبة أصابت شباب الرمالي بقويسنا في شهر رمضان الفضيل، وجعلت الدموع تنهمر بغزارة وتفيضمن أعْيُن البكَائين حُزناً علي كل فقيد ومُصاب في حريق القرية الغاشم!!
وجعلتُ أسْأل نفسي ،أكان من بين محتويات المقلي ، ما هو سريع الإشتعال ؟! ، فالمقلي كان بداخلها فُرنْ للقليْوأربع إسطوانات للغاز الطبيعي كبيرة الحجم ، وكميات من عُبوَاتالبيرسول ، وأدواتلإشعالالفرن وكمية من السجائر..وربما وُجِدَتْ المُعلبات البلاستيكية التي تُباع مع لوازم السبوع ، وجميعالأشياء المذكورةتشتعلكالبرق !!إذنفالكارثة كانت علي مقربة منا ونحن لا ندري ، ثم وقعت الكارثةبالفعل، فأهلكتخمسة أنفس بُرءاء ،بعدما أرهقها العناء من عذاب الحريق بضع أيام وليالي ..أما دولة القانونالمُغَيَبْ ومسئولي الأمن الصناعي الذين كانوا في نُعاس ، فكان إهمالهم في تحرِي الدقة في قانونيَةْمشروع المقلي ومحتوياتهالخطيرة وخاصةً البيرسول، جزءاً كبيراً من حدوث الفجيعة!!
الأقوال تضاربتحولكيفيةإحتراق مقلي الرمالي بقويسنا ، وأرجح الأقوال بأن السبب هو تسريب الغاز الطبيعي من خلال الخرطوم المتصل بفرن القَليْبعدإشعال الفرن بفترة قصيرة ، والذي أدي لسرعة إشتباك وإنتشار النيران في باقي أرجاء المحل ، وما زاد حجم البلاء والكارثة ، هو وجود عُبوَات البيرسول بجوار النيران ، فكانت العبوَاتتسخن من شدة النار فتشتعل وتنفجر في وجوه المُطفئين ، الواحدهتِلو الأخري ، لقد كانت عُبوَات البيرسول بمثابة القنابل المُدوية في وجوه من تقدموا للإطفاء، كان سِحرْ البيرسول عجيباً، وكأنه هو السلاح القاتل الذيقضي علي أنفُسالأبرياء !!
لم يُكْتَبْ لمواجهي الحريق ، أن يفلت أحدهم من الضُر.. ولم يطَلعأحد منهمالغَيْبَ فيعلم بأن عاقبة صنيعهموخيمة وأليمة، وأن الموت مُدرك نصفهم أو يزيد!!
ومع تأجج نيران الحريق، وصدْمة المطفئين أمام الطريقة التي إنفجرت بهاعبوَات البيرسول ، كانت فرص النجاة من الموت ضئيلة جداً ، حتي أن بعضهم أُصيب بتسمم دموي إما نتيجة لتعَرُضه لغاز البيرسول ، شديد الأذي للجهاز التنفسيوالرئتين ،أو ربما أنالميكروبات كَستْلحومالأبرياء ، المتساقطة جلودهم ، فتمكن المرض من أجسادهمففتك بمَنْ فَتَكَمنهم بلا هواده!!
ثم أن أنابيب الغاز بداخل مقلي الرمالي، لو أنها إنفجرت كذلك ، لكانت تحولت الكارثة إلي كوارث..كان سينفجر العقار الواقع أسفل المقلي ، وربما تصدعت معهعقارات مجاورة ، ولسقط العشرات والعشرات من الضحايا من بين قتلي وجرحي، ولكثرت الأشلاء وتلطخت جميع الأرجاء بالدماء !!
لم يأتي في مُخيِلةْ أحد بأن حريق الرماليالشرس سيُفضي إلي هلاك نِصفْ من واجهوه ، غير آمنينلمكْرِهْ، أو آخذين حِذرهم ، رغم إستخدامهم طفايات الحريق والمياه لإقصاء النيران!
كانت أجسادهم تتألم من عذاب الحروق ، بل كادت جروحهم أن تصرخ من العذاب الذي هُمْ فيه ، بعدما تأخرت سيارة الإسعاف عن الحضور لحمل هؤلاء المحروقين.. لم تحضرالإسعاف إلا بعد الحادثة بساعة ونصف الساعة تقريباً ، رغم أن المسافة بين قرية الرمالي ومستشفي قويسنا لا تتعدي زمنياً قرابة عشرون دقيقةفقط ، بعدها حملت الإسعاف أهل البلاء إلي مستشفي قويسنا المركزي ، التي إمتنعت عن علاج ذوي الحروق، بحجة أنها غير مؤهلة لعلاج مصابي الحروق !!
كان عامل الوقت هام جداً في ذلك الظرف الحرج ، ورغم ذلك فإن تأخُرْسيارة الإسعاف ، أدَي لضياع كثير من الوقت ، وجعل صحة الضحايا في خطر مُؤكد ، وبعدهاتم نقلهم إلي المستشفي الجامعي بشبين الكوم ، والتي رفضت – كذلك – علاج المصابين ، فشَرَع َمرافقوأصحاب البلاءفي البحث عن مستشفي خاص لإنقاذ حيواتهم!
وربما لعدم وجود الكفاءة الطبية الكافية أو بسبب عامل الإهمال داخل المستشفي الخاص التي عُولِجَ بها المصابونأو ربما بسبب إرتفاع نِسبْ الحروق بأجسادهم ، ساءت حالاتهم يوماً بعد يوم ، فمعظم المحروقين كانوا يتعرضون لأعراض مرضية واحده ، وهي إرتفاع شديد في درجة حرارة الجسم ، ثم تتم الوفاة بعدها بساعات ، حتي فوجئنا بأرواح ثلاثة من شباب الحريق تفيضلبارئها سوياً في يوم واحد ، وفي اليوم التاليلحقت بهما روحالفقيد الرابع ، ثم لحقتروح الفقيد الخامس بهم في اليوم الذي تلاه !!
ليظل شهر مايو من عام 2018 ميلادية ، مُخلِداً لذكري شهداء الحريق ،وليسكن الحزن طويلاً داخل أفئدة أمهات قرية الرمالي ونسائها وشيوخها ، عرفاناً بفضل أصحاب الأرواح الزكية الذين لاقوا الموت ،غير فارين منه..ماتوا لكي نحيا ونأمن من خوف.
تضرُع ودعوات لمَنْ قبضهم الموت في المُصاب الأليم بأن يرحمهم الله ، وأن يَلْطُفْبمن لا يزالوا يتوجعون من آثارالحريق الذي بطشْ !!
amirshafik85@yahoo.com