-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

فرنسا "بكالوريا شعبة كوفيد-19" جيل مُخصي!الدكتور جواد مبروكي


أملي ألا يرتكب المغرب نفس خطأ فرنسا!
إن البكالوريا ليست مجرد امتحان وطني يمنح الوصول إلى الجامعات فقط، ولكنه أكثر رمزية، فهو يشير إلى الطقوس الاجتماعية للانتقال من المراهقة إلى مرحلة البلوغ والبكالوريا هي رحلة حج لإغلاق حقبة من الماضي. 

إلغاء الحكومة الفرنسية لهذا الامتحان أو بالأحرى طقوس المرور إلى مرحلة أخرى، خطئ فادح وكان من الأفضل أن تؤجل الامتحانات إلى سبتمبر أو أكتوبر أو حتى أخذ قرار سنة بيضاء لتجنب ولادة جيل محبط ومصدوم إلى الأبد.
التلميذ منذ قبوله في المدرسة، يبدأ في الاستعداد لاجتياز البكالوريا لكي يحصل على شهادته ويثبت قدراته من خلال الاختبارات التي تميز حياته وتاريخه وتاريخ عائلته.
منذ طفولته يتشبع ويمتص التلميذ جميع القصص الممكنة والأسطورية لاجتياز البكالوريا التي تحكى عبر والديه وإخوته وأخواته وأبناء عمومته وأعمامه وأساتذته. كما يشاهد الطفل أفلام ومسلسلات تلفزيونية، مضحكة أو درامية، والتي تسلط الضوء على ظاهرة وأسطورة اجتياز البكالوريا. وبدخوله إلى المدرسة، يركب التلميذ القطار التكويني ولا يمكنه تركه إلا إذا اجتاز امتحانات البكالوريا و"القفز في محطة الكبار"! هذه القفزة التي تم تحضيره لها طوال رحلته من قبل معلميه ووالديه.
وفي آخر كل عام دراسي يُذهل التلميذ بوسائل الإعلام التي تولي أهمية كبيرة للباكالوريا فيما يتعلق بظروف الامتحانات وعدد المرشحين وزيارة المسؤولين الحكوميين في قاعات الامتحانات. وما يلفت الأكثر انتباه هو أن وسائل الإعلام لا تعلن إلا عن نتائج البكالوريا وليس نتائج الكلية أو المدرسة الثانوية أو حتى الدكتوراه. وبالنسبة للطفل  أن في نظر المجتمع تبقى البكالوريا أكثر أهمية من بقية الشواهد.
وخلال كل هذه السنوات الدراسية ألاثنتي عشرة  يواصل التلميذ تصور نفسه في قاعة امتحان البكالوريا وأمام النتائج المنشورة في مؤسسته وفرحة النجاح.
البكالوريا جزء من تاريخ التلميذ وأسرته ومستقبله وأولاده فيما بعد. البكالوريا هي العضو الأساسي الذي يجب أن يكتسبه التلميذ من أجل تتويج نهاية مراهقته ودمجه في هويته وجسده. ولسوء الحظ فإن فرنسا قررت إخصاء هذا الجيل من خلال بتر هذا العنصر المنشود مند الأقسام التحضيرية الابتدائية.
هذا الإخصاء سوف يُحبط بعنف على مدى الحياة جيل "بكالوريا شعبة كوفيد-19" لأن البكالوريا تحولت إلى ممر سهل بدون طقوس الامتحان وبدون دمج ما كان متوقعًا ومرغوبًا وبدون ألم " الحصول على بكالوريا عبر عملية قيصرية تحت تخدير الحجر الصحي".
الدكتور جواد مبروكي، طبيب نفساني، باحث وخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي



عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا