فارق أحمد الدغرني الحياة يوم الاثنين 19 أكتوبر الماضي، لكنه سيظل حي يرزق بيننا كأمازيغ.
معرفتي بالراحل بدأت منذ أن عدت من الديار الفرنسية وبالضبط ما بين سنة 1989-1991، والفضل في ذلك يعود إلى صديقي أحمد زاهد، الذي كان حينها طالبا في صفوف الحركة الثقافية الأمازيغية، موقع وجدة، وكان ينظم أنشطة ثقافية بمدينة الناظور، مما
جعلني ألتقي بالأستاذ أحمد الدغرني، ومن تم تكررت اللقاءات بيننا، خصوصا في الزيارات المتعددة إلى مدينة الرباط، والحضور في عدد من الأنشطة الأمازيغية.غير أن العلاقة توطدت خلال تأسيس المؤتمر العالمي الأمازيغي، ومع الصعوبات التي ظهرت والتي تمثل أهمها في المعارضة الحزبية من طرف أحزاب المغرب الكبير والمغرب على وجه الخصوص والذين كانوا يريدون احتواء الفكرة ونسبها لهم، بينما نواة المؤتمر كانت بناء عميق جمع مناضلي القضية الأمازيغية من مجموعة من الدول، والتي بدأت بمحاولة خلق جمعية تنسيق بين مناضلي القضية الأمازيغية بأوروبا وبشمال إفريقيا.
وخلال سنة 1994 بدأت اللقاءات التأسيسية للكونغرس العالمي الأمازيغي، وحينها كنت طالبا في جامعة غرناطة، مفعم بالحماس وكان لي شرف تسيير اللقاءات الأولية لفكرة تأسيس الكونغرس في ” فيستيفال السينما دودوغنوني”، وفي غشت 1995 كان التأسيس الفعلي للكونغريس العالمي الأمازيغي، الأمر الذي لم يكن سهلا واعترضته مجموعة من العراقيل، أهمها انتماء بعض المناضلين إلى تنظيمات سياسية مختلفة (أهمها حزب الحركة الشعبية) مما صعب من أمر الاتفاق بيننا، وكان الأستاذ أحمد الدغرني معارضا لوجود أي مناضل له انتماء حزبي، في ذلك الحين عارضته وقلت له “جاؤوا كممثلين لجمعيات ثقافية أمازيغية لا كممثلي التنظيمات السياسية”، وكان لنا الفضل كطاقات شابة في خروج الكونغريس العالمي الأمازيغي إلى أرض الواقع بعدما تمكنا من تجاوز الاختلافات التي كانت تعترضنا.
تم عقد مؤتمر جزر الكناري في غشت 1997 والذي أظهر التناقضات بشكل حاد، ومع ضغوطات الأحزاب السياسية، الأمر الذي لم ينل إعجاب أحمد الدغرني الذي كان أمله تأسيس تنظيم أمازيغي مستقل ويخدم المجتمع المدني. وهنا بدأت أول الانقسامات بين أعضاء التنظيم الأمازيغي الدولي.
لكن، في مؤتمر “ليون الفرنسية” في غشت 1999،
عادت الأمور إلى طبيعتها بفضل الأستاذ أحمد الدغرني والحسن إد بلقاسم اللذان قاما
باحترام القانون التأسيسي، وبفضل القانون الأساسي الذي قام الأستاذين بإعداده،
تمكنا في استمرار التنظيم الدولي والنضال الأمازيغي ككل، لأنه تمكن من جمع أعضاء
من دول مختلفة (شمال إفريقيا، أوربا والولايات المتحدة الأمريكية…)، وكان التنظيم
ملزم بعقد جمع عام كل سنتين احتراما للقانون الأساسي، الأمر الذي لم يحترمه
المنتمون إلى التنظيمات السياسية، الذين فضلوا تنظيم مؤتمرا غير شرعي سنة 2000 في
العاصمة البلجيكية “بروكسيل”.