تدور هذه الأيام معارك طاحنة بين الجيش المغربي وبين العصابات المسلحة لمنظمة البوليساريو على شاشات الإعلام الرسمي الجزائري، مما خلَّف غلاء فواتير الكهرباء الذي ظل يُهدر لساعات متأخرة من الليل وهو يروي قصصا مثيرة عن ملامح البطولة الموجودة حصريا في مشاهد أفلام حرب النجوم star wars للمخرج العبقري جورج لوكاس.
إذا كانت
الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض، والتي يزيد عددها عن ألفي قمر، غير قادرة
على رصد ولو لقطة خاطفة من هذه الحرب الضارية التي لا تتوقف على مدار الساعة، وإذا
كانت آلاف القنوات الإعلامية العالمية تتجاهل ذكر هذه المعارك؛ فهذا يعني أحد
أمرين: إما أن الدول جميعُها تقود مؤامرة كونية ضد الشعب الصحراوي "العظيم"
الذي أبهر الجنس البشري وأثار غيرته بِعِظم حضارته وشموخ إنجازاته العلمية
والتكنولوجية، وإما أن هذه الحرب ميكروسكوبية إلى درجة أن هذه الأقمار باتت عاجزة
عن مشاهدتها رغم قدرتها، في وقت سابق، على رؤية أنواع الأحذية المتلاشية التي
خلفها وراءها جنود البوليساريو وهم يفرون من معبر الكركرات كالجرذان.
لست
أدري لماذا تنفق الولايات المتحدة الأمريكية ملايين الدولارات للتواصل مع الكائنات
الفضائية، في الوقت الذي كان من الممكن أن تتواصل مع الجزائر التي لم تكتشف فقط
كائنا واحدا بل شعبا فضائيا برمته، قدم من رحم المجهول بلا اسم أو سلطة أو عُملة
أو عَلَمٍ أو حدود مضبوطة أو تاريخ سابق أو نشيد وطني، وادَّعت مع ذلك أنه شعب مثل
كل الشعوب له حقوق مهضومة وأرض مغتصبة.
كما
أنني غير قادر على تصنيف نوع الحشيش الذي صارت تتعاطاه جنرالات الجزائر وإعلامه هذه
الأيام، خصوصا بعدما توالت عليهم الضربات من كل صوب وحدب؛ لكن الأكيد أن هذا الصنف
غير كل الأصناف السابقة نظرا لمفعوله الأقوى بعشرات المرات، وهو ما جعلهم للأسف
الشديد يهلوسون بالليل والنهار، حتى صاروا أضحوكة ليس أمام العالم فحسب؛ بل حتى أمام
مواطنيهم البسطاء.
حينما
يقرر نظام بلا مبرر ومع سبق الإصرار والترصد أن يجعل من بلد عظيم كالمغرب عدوا
تقليديا له، وأن يتبجح بذلك في إعلام متهالك وبأسلوب أكل عليه الدهر وشرب، ولا
يراعي أخوة الدين بين الشعبين العريقين، ولم يأخذ في حسبانه آصرة الجوار ووحدة
اللغة والتاريخ المشترك بينهما، فهو في الحقيقة ينحو بخطى ثابتة نحو حتفه الطبيعي
وقد آن الأوان لذلك، وإذا لم يستفق في القريب العاجل من غيه، ويتوقف عن تناول ذلك
الصنف الرديء من الحشيش، فلن يكون مصيره أفضل من مصير من ذكرهم التاريخ بالعلو في
الأرض ثم طوتهم وكأنْ لم يَغْنوا فيها.
ختاما، أتمنى أن يمنع المسؤولون الجزائريون عن رئيسهم
"تبون" قصاصات الأخبار بعدما أفاق من غيبوبته، وأن يتكتموا أمامه عما
يقع حقيقة لشعبهم الفضائي وعن حروبه الأسطورية التي لا وجود لها سوى في استوديوهات
هوليود أو في الخيالات الخصبة لجنرالات العسكر؛ وإلا فإن الرئيس سيعود إلى
الغيبوبة من جديد، وستكون هذه المرة غيبوبة بدون رِجعة.
نورالدين
زاوش
عضو
الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة