لعل العالم لن ينسى العسكرية الأمريكية الشقراء،وهي تتلذذ بتعذيب جسد رجولي ،بجنسية عراقية ،ذات نكسة ديمقراطية ،حقوقية في السجن سيء الذكر. كيف يحصل هذا من سيدة العالم الحر ،التي امتشقت الأستاذية – استبدادا - في كل حروف الحرية والديمقراطية؛إلى أن فضحتها نزوات سادية تعذيبية ،اشتركت فيها حتى كلاب "المارينز".
طبعا من يدمر في العلن دولة ،بقضها وقضيضها،لن يحجم عن تدمير كل
مفردات الكرامة الإنسانية،حينما يُغلِّق الأبواب على سجنائه ،ويمارس "الهيت
لك " المعروفة ،وهلم جلدا للبشر وهم في ترابهم ،وبكل توابل العروبة والأنفة
المعروفة للعراقيين ؛وصولا إلى التعبير عنها بالأحذية.
وفي السجل "الديمقراطي" جدا "غوانتانامو" البرتقالية اللون ،التي
جعلتنا نتساءل عن السجان ،من يكون؟ هل فعلا هو من العالم الحر،ومن حفدة أبراهام
لينكولن ،أم من خرائط "ستالين"
في سجون سيبريا؛هناك حيث أبدعت أقصى درجات الألم أعظم الروايات الروسية ؟
بكاء مغربي في الكناري:
مرة أخرى تنفضح إحدى الديمقراطيات الغربية
"الحديثة" فتنقض على أجساد، مغربية هذه المرة،لتجلد فيها بقايا الطفولة
وتباشير المراهقة والرجولة.
انه لمؤلم جدا أن تكون مغربيا ،وتستمع إلى
بكاء مغربي متوسل ،في مواجهة حثالات أمنية اسبانية،تمارس بدورها ساديتها على هواها
.
وتحار لمن تنسب هؤلاء ؛هل إلى دولة ديمقراطية أم إلى إحدى جمهوريات الموز
،حيث تُستبدل لعب الأطفال بالمسدسات ؟
لقد ألقت اسبانيا الشرطية ،في جزر الكناري،بكل
ترسانتها القانونية عرض البحر،وألبست عناصرها أحذية همجية لإتقان تكسير العظام
المغربية الطرية.
هو بكاء أطفال جراء تعذيب ،لكن الظرف والمكان
،أهلاه ليُبكي دولتين جارتين:
على الدولة الاسبانية الديمقراطية أن تبكي سقطة إحدى مؤسساتها ،وهي تضع السيف في
موضع الندى؛بدل تقديم المساعدة لصبية يختزلون مآسي لا حصر لها ،دفعتهم إلى ركوب
مجاهل البحر، طلبا للحضن والدفء؛اختارت أن تفترسهم مثنى وثلاث ورباع ؛وحتى وهم
يبكون تعاود الانقضاض عليهم .
لو تعلق الأمر بأطفال اسبانيين لحسم الشارع
الاسباني الأمر وصولا إلى إسقاط الحكومة.
وعلى حكومتنا أن تخجل من هذه الهجرة الطفولية
الفاضحة إلى الأزقة الخلفية لأغلب الدول
الأوروبية ؛هجرة أطفال ،في سن التمدرس
واحسرتاه ، إلى الضياع التام.
كيف يهاجرون؟ لماذا لاتسأل عنهم عائلاتهم؟ لماذا انقطعوا عن
الدراسة؟ لماذا لا يُستعادون إلى وطنهم
وأسرهم ،ضمن برنامج وطني شامل يضع حدا لهذه المأساة؟
وتتناسل الأسئلة إلى ما لانهاية .
للمقارنة ،في أزقتنا مهاجرات و مهاجرون
أفارقة كثر ،لكن لا أطفال بينهم،إلا من وُلد في العبور أوالإقامة.
فكيف تسكت حكومتنا وبرلماننا على أطفال
الهجرة ،وتتركهم لمصيرهم المجهول ،وهم ذوو حقوق وطنية ؟
حتى وان بدت هذه الهجرة اختيارا فرديا – يتم
دون الرشد القانوني – فهي تتم ضمن نسق عام تحضر فيه الأسرة والمدرسة والمجتمع وأمن
الحدود والموانئ والمطارات والسفارات والقنصليات.
رجاء لا يبيتن مسؤول ،سعيدا ضمن أسرته ،دافئا
في فراشه،إلا وهو يفكر في قطع دابر هذه "الدبلوماسية" الطفولية المؤلمة
،التي تقصف كل ما تحققه دبلوماسيتنا الرسمية.
حتى لا يبكي أطفالنا مرة أخرى ،في خرائط
الغربة،ويُبكوننا معهم .