-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

كان يا ما كان في عام كورونا - محمد بنعزيز


 يحكي الحفيد السادس عشر للخفاش الذي اتهم بنقل الفيروس الصيني إلى البشر قائلًا: بلغني أيها المستمع التعيس أنه كان يا ما كان في عام كورونا بجزيرة "حجَر الغراب" غرب البحر المتوسط قبالة مدينة طنجة، حيث نزل غراب نوح أول مرة. وكان يا ما كان أن اكتسح فيروس غريب كل الكرة الأرضية، فأنشأت حكومة الجزيرة مستشفيات ميدانية لعلاج المصابين، فسرقوا محتوياتها. وحين اشتد الوباء، ظهرت الحاجة لإنشاء مستشفيات ميدانية جديدة، وكان لا بد من تجهيزها. وقد وجدت الحكومة التي زاد وزنها ككل مراهقات الجزيرة حلًا عبقريًا للسرقة. لذلك أصدرت حكومة الجزيرة بلاغًا ليليًا مفاجئًا، كلّفت فيه تجارًا جوالين بالمناداة في كل شوارع الجزيرة لشراء كل المسروقات التي نهبها المتعافون من كورونا من قلب المستشفيات الميدانية أثناء مغادرتهم لها.

وقد حددت السلطة التنفيذية مُهلة أسبوع لاسترجاع آلاف المسروقات ومكافأة السارقين.
هكذا حلت الحكومةُ المشكلَ، حين أذاعت بلاغًا قصيرًا من دون أخطاء لغوية، على أمواج الإذاعة، وشاشة التلفزة، لكن الشعب الأمي شاهده على فيسبوك، وعلّق عليه بأكبر عدد من الأخطاء، ومن الحوقلات.
الجديد أن الفيروس قد سرّع رقمنة الشعب، فشوهدت جدّات يرْسلن صورًا وتسجيلات على واتساب، حتى الإدارات التي كانت تلزم المواطنين بتحرير طلب خطي على الورق ترقمنت قليلًا... وصار رئيس الحكومة يحمل حاسوبا ليحصي كمْ مرِضَ، وكمْ مات، وكم بقي من الشعب.
في صباح اليوم الموالي، وبعد صلاة الفجر، وتنفيذًا للقرار الحكومي الرشيد، خرج آلاف تجار الاقتصاد غير المُهيكل يجولون في أزقة الجزيرة يدفعون عرباتهم الصغيرة، ويرددون عبر مكبرات الصوت:
"لا إله إلا الله محمد رسول الله، اللي عندو روبيني (صنبور) ورشاشة وفراش وغطاء فيه رمز وزارة الصحة يبيعو لينا بـ 100 درهم...".
تشجّع المرضى السابقون لبيع ما سرقوه لشراء الأكباش، أو السفر لقضاء العيد مع أسرهم. لاستفزاز الطلب، مدّدت الحكومة عملية استرجاع المسروق شهرًا، ثم مدّدت التمديد شهرين ومددت... نسي الشعب عدّ المصابين بالفيروس، بينما كانت مكبرات الصوت تردد:
"لا إله إلا الله محمد رسول الله، اللي عندو روبيني ورشاشة وفراش وغطاء فيه رمز وزارة الصحة يبيعو بـ 100 درهم...".
في هذه الأثناء، أغلقت السلطة المحطة الطرقية "بنات زيان"، لكن الشناقة (السماسرة) كانوا يتربصون بالزبناء قرب باب المحطة وينظمون "الهروب الكبير".
كان السماسرة يدلّون المسافرين على حافلات مخفيّة على مسافة كيلومتر من المحطة، هناك يدفع المسافرون أسعارًا مضاعفة لتنقلهم الحافلات سرًا إلى الجنوب. كان السماسرة ينهبون الشعب وهو سعيد وعيونه مغلقة على اتساعها.
في هذه الفوضى، ظهر سائق تاكسي أحمر صودِرت سيارته فاكترى سيارة إسعاف من مصحة تجميل خاصة أغلقت مؤقتًا، واستخدم السائق سيارة الإسعاف وسيلة فعالة لتوصيل من يدفع جيدًا لزيارة الأهل في العديد بين المدن.
كان السائق الشاب يرتدي ثياب رائد فضاء مزيّفة، وكان ركاب سيارة الإسعاف يتظاهرون بالمرض في الحواجز التي أقامتها الشرطة.
كان هناك أربعة ركاب في أول رحلة:
عاشق (24 سنة) لم يصل رحم حبيبته منذ نهاية شعبان شهر الرحمة. وابنة ثري مبحوث عنها من طرف الشرطة بعد الفرار من حاجز أمني بسيارة لامبرغيني. ونجمة فيسبوك تريد الوصول لطبيب تجميل سري لتعديل شفتها البلاستيكية التي تدلت. وأخيرًا، ممثل فقير طلب منه المخرج التنقل فورًا لتصوير مشهد ناقص في فيلم قيد المونتاج. وهدّده بأنه إنْ لم يحضر لن يحصل على أجره من المخرج المنتج.
يضيف الخفاش الحكاء لينظف سمعة جده الأكبر من مسؤولية الوباء: كان يا ما كان، في أيام كورونا الأسود، قررت الحكومات إبادة الخفافيش، وحينها خرج جد الخفافيش، طيب الله ثراه، لينفي التهمة، مؤكدًا أن حرارة شعبه هي 28 درجة، بينما حرارة البشر هي 37 درجة، وبالتالي لا يمكن تبادل الفيروسات بين الشعبين غير الشقيقين، رغم أن التشابه الجيني بينهما يبلغ 98%.
في ذلك الزمان، كان الناس يقضون وقتًا طويلًا في نوافذ منازلهم يُحصون سيارات الإسعاف، يطلون على البحر، وكان كل شخص يهذي ويسأل نفسه: متى سأصاب بكورونا؟
هكذا كانت الأجواء قبيل عيد اللحم.
اتضح للشعب أن الفيروس باق ويتمدد، وقد خاب أمل كثيرين في أن تدور عقارب الزمن سريعًا، فتأخذ معها الفيروس، لكن الحكماء قالوا إن كل الأوبئة السابقة عمّرت سنوات... وقياسًا على السابق لن يرحل الفيروس سريعًا، فكانت الصدمة شديدة، لذلك عطل كثيرون ساعاتهم، المهم ليس العمل والكسب والمتعة، بل الصمود، ليس المهم هو تنفيذ البرنامج اليومي لكل شخص، بل المهم هو أن يبقى حيًا.
في العزلة تبدّل فهم الناس للزمن، تشابهت الأيام، شاخت أفكار كثيرة، صار الزمن دائريًا يعضّ فمُه ذيلَه، كثر التفكير في الوقت المتبقي للعيش، ولتصحيح أخطاء الماضي، لذلك حاول العزّاب الزواج سريعًا، وحاولت المتزوجات استرجاع حريتهن بشكل أسرع...
انتشرت أخبار سيئة، قتل والدته بسبب النقود، قتل شاب صديقه بسبب سيجارة... كانت جرائم العزاب ضِعف جرائم المتزوجين... هكذا ارتبكت الحياة العادية، سيطر الأطباء والبيولوجيون على النقاش العمومي، بينما صمت السياسيون خوفًا من إغضاب الجمهور بتوقعات متفائلة لن تتحقق، وقد لاحظ محلل نفسي حاذق أن الناس لا يتعلمون من نصائح مدربي التنمية البشرية، وأضاف "إن من الناس منْ لوْ احترق نِصْفه لـمْ يتّعظ النّصف الثّاني".
ما أسهل النصائح، ما أصعب تطبيقها.
في تلك الأيام، أغلقت عيادات أطباء الأسنان، لأنهم يشتغلون على الفم، والفم باب الفيروس.
لكن عمل الأفواه لم يتوقف. كان سكان الجزيرة يحققون ذواتهم بالثرثرة، لذلك ينثرون الرذاذ على بعضهم البعض، لذا زادت التربية على "مواطنة الكمامة"، وقد زاد الخوف مع توتر الشعب، لأن الفيروس جاء من الصين إلى جزيرة "حجَر الغراب" على ظهر خفاش، كما زعم الخبراء الكذابون.
ونتيجة الوباء، أُغلقت مليون مخبزة ومئة متحف، لكن المواقع الإلكترونية لا تتحدث إلا عن المتاحف والفن... جاع الأكثر فقرًا، واشترت الأقلية المحظوظة نصف مخزون الطعام في كل البلد... يبدو أن القيامة بدأت.
انتشر الوباء ببطء، لكن ما إن سكن الفيروس صُدور بعضَ الشبان الحشاشين الذين يقفون بجانب الجدران طيلة اليوم حتى عم الوباء كل البيوت...
زاد الرعب. كثرت الاحتياطات، وتناسى الناس أن الوباء قضاء وقدر. ومن بين تلك الاحتياطات أن مليار مُؤمن صاروا ينامون على بطونهم لكي لا يقع الضغط على الرئة الملتصقة بالظهر... وهذه طريقة نوم مَنهيّ عنها بالنسبة للنساء خاصة.
في حي صغير، أصيب 600 شخص بالفيروس، واعتقلت الشرطة 6000 شخص بسبب الكمامة وخرق الحجر، سجنوا فأصيبوا بعدوى كورونا، فصار عدد المصابين 6600.
هيمن مزاج سوداوي على الشعبين، احتجب شعب الأغنياء، بينما مات جل الشعب الذي يضطر للخروج يوميًا لشراء ما يأكله... الفقراء لا يدّخرون.
تأجلت أعياد الميلاد، وتوقفت الدراسة، وهو ما أسعد التلاميذ الكسلاء والمدرسين الذي يتغيبون عادة. أغلقت المطاعمُ، فتعلم كثير من العزاب فن الطبخ. أغلقت المقاهي، فاشتدّ العنف المنزلي. من نوافذ الشقق تنبعث أصوات مرتفعة تقول كلمات سيئة... وفي عزلة كورونا تلقت النساء أكبر عدد من الصفعات في تاريخهن...
في تلك العزلة، كان كل فرد يحضُن هاتفه، وقد صار أمه وأباه وحبيبه وولده... وقد استغنى عن هؤلاء واستبدلهُم بتلك الشاشة الصغيرة التي اختزلت الكون في حفنة ضوء... شاشة صارت هي كينونة الفرد إن فقدها جنّ... وقد انقسمت الأسر إلى تحالفات متصارعة، الأب وبنته ضد الأم وولدها... ليت فرويد حي ويرى.
في أجواء مطلع القيامة هذا، كان الفرد يشعر حين يمدّ فمه، أو يده، لتناول قبلة، أو خبزة، أو كأسًا، أو موزة، يشعر بأنه سيجلب الفيروس إلى رئتيه. كانت رائحة الخوف أشد رعبًا من رائحة الموت... قل العزاء في الواقع، وكثر على مواقع التواصل الاجتماعي... وهكذا فتح الفيروس في أرواح الناس أبوابًا لم يكتشفها أي مرض من قبل.
أُغلقتْ محلات العبادة ودكاكين بيع الويسكي، ومع ذلك عرفت الجنة أكبر زحام في تاريخها، لأنها استقبلت من دون جنائز أكبر عدد من الشهداء. كانت نسبة الوفيات بين الرجال ضعفها عند النساء... حينها فهم الرجال أن المستشفيات أهم من أماكن العبادة، ومن المقاهي... تقول الحكمة إن حيوانًا كبيرًا قرر تعلم السباحة عندما وصل ماء النهر إلى أذنيه.
فات الأوان.
يضيف الخفاش الحكاء، وهو يقدم حكاية كانت تنذر بالآتي:
في أجواء الرعب، أغلقت وزارة الداخلية مدنًا ومرافق كثيرة نصف عام، ولكن وتحت ضغط رجال الأعمال تم تخفيف الحجر على المعامل والضيعات، فخرج الشعب بحثًا عن المتعة، للانتقام من الزمن الذي ضاع.
كان كل فرد يبحث عن متعة تعويضية لكي يملك جوابًا عن سؤال: ما الدليل على أنني عشت حياتي في عام كورونا؟
لتقديم الدليل، حج الشعب إلى الشواطئ، اشتدت الفوضى في الشوارع قبيل عيد اللحم، فهجم ثلاثون ذئبًا على خراف الفلاحين في سوق الجزيرة، سرقوا الأكباش لتكون قرابين مخلّصة من الذنوب، كان زبناء السوق يصوّرون السرقة بمتعة، في المساء تباكوا على فيسبوك.
وحين ذبح اللصوص القرابين صار لون لحمها أخضر، وانبعثت منه رائحة عرق الفلاحين، مع ذلك، أكلها سارقوها، فنبت لكل واحد منهم قرن صغير بين عينيه، وصار لقبه "بوكرن"، أي صاحب القرن.
كانت الصحافة في الصباح تتهم السلطة بالتراخي والتغاضي عن البؤر الوبائية، وتتهمها في المساء بالتشدّد في تنزيل الحجر... كان وزير الداخلية يشرب كأس فودكا ليفهم ما يقوله المحللون. فبعد إعلانهم للمرة السبعين أن ورقة التوت سقطت عن بطن الحكومة، تأسف محللون من ورق لعدم إلغاء عيد اللحم. حينها، رد الصحافي الناطق سرًا باسم الوزير:
لو ألغي تسويق الأكباش، لانقرض فلاحو الجزيرة، ولزاد الجوع، وهذا أخطر من الفيروس. هذه هي الحكمة من الحكاية. الكلمات لا تلقح ضد الفيروس، لا تدفع الديون، لكنها تجعل حكمة الحكاية مشتركة تعبر الزمن ليتعلم منها البشرُ اللاحقون.
مع الزمن، تم التعايش مع الفيروس حرصًا على الحركة التجارية المقدسة. في الشوارع، كثر عدد المجانين، لكن لم يتوجهوا إلى أضرحة الأولياء لطلب الشفاعة والشفاء... ولم يطلبوها من الفقهاء الأحياء.
في ذلك الزمان، تعطل الصحافيون، فبدل النزول إلى الميدان لتسجيل "حوليات كورونا"، انشغل الصحافيون بالأخبار العاطفية التي يحررها أصحابها في مكاتبهم، ويمكنهم كتابة ما يريدون لأنه لا سبيل للتّحقق منه. ماتت صحافة التقصي الميداني. من تلك الأخبار، مثلًا، خبر شابة جاءت إلى محل حلاقة استعدادًا لحفل خطوبة، فأصيبت بالفيروس، فقرر خطيبها تسريع الزواج ليكون معها في المعزل رأسًا لرأس... وقد وُلد لهما طفل بعينين خضراوين.
في عام كورونا، كانت أقدم مهنة في التاريخ بخير، كما هي دائمًا، وقد ظهرت بؤر وبائية شبه عائلية فيها مصابون بالفيروس، لكن نشاطهم كان على أشده، لهذا تضاعف عدد الأمهات العازبات.
بعد العيد، اشتد الوباء، لأن الشعب فشل في تطبيق النصيحة الوحيدة التي ستنقذه، وهي "لا تلمس وجهك بيدك".
مع الزمن، ألف الشعب صفير سيارات الإسعاف، فلم يعد يخاف، وترك الكمامات متدلية على عنقه... على التلفزيون، زادت حصص التربية عن بعد على الكمامة، وكانت النتيجة الوحيدة هي أن غيّر بائعو الجوارب الجوالون سلعتهم، وصاروا يبيعون الكمامات بالتقسيط في المناطق التي تنتشر فيها الشرطة.
في ذلك العام، أدرك شعب تلك الجزيرة أن الكحول أكثر فعالية من ماء زمزم، ومن زيت الحبة السوداء... صمت فقهاء الحيض والنفاس، بينما ارتفع بكاء أنصار فريق برشلونة بعد هزيمة مذلة بثمانية أهداف...
صار البشر كالنمل الوحشي يفترس بعضه بعضًا، وقد هاجم ثلاثون ذئبًا سوبر ماركت في التاسعة صباحًا، ضربوا حارسين، وحين حاول رجل الأمن الخاص المسلح بميزان حرارة قياس حرارتهم، قام قطاع طرق الأكباش بركله ومشوا على جثته، فدخلوا ونهبوا الهواتف والحواسيب والشوكولاتة... هكذا اكتشف الشعب حقيقة صورة رعاعه في مرآة كورونا.
انتشر الخبر مصورًا، فحَزن الذين لم يستفيدوا من الشكولاتة المجانية، فتكررت السرقة...
هكذا غطت أخبار اللصوصية على أخبار الطاعون الجديد، وترك البوليس مراقبة الكمامات ليحرس أمكنة بيع الطعام، لأن الأمن العام سابق على الفيروس. وحين اقترب الجوع، لم يعد أحد يتهم سلالتي، سلالة الخفافيش بريئة من نقل الفيروس للشعب.
في آخر ذلك العام، عم الصمت والقلق، فأعلن رئيس حكومة جزيرة "حجَر الغراب" عن نهاية برنامج شراء المسروقات الطبية، وقد عرضت التلفزة تجار الروبابيكا يرجعون بعربات ممتلئة بصنابير المياه والرشاشات والأغطية، والأفرشة التي سُرقت من مستشفيات بلد الصلحاء... كانت الحكومة التي يستحقها الشعب، وتستحقه، حكيمة في إيجاد حل فعال للنهب، ولأن الشعب أذكى من حكومته، فقد فوجئت الحكومة لأن كمية الأفرشة التي تم استرجاعها بالشراء تزيد عن عدد تلك التي سُرقت في زمن كورونا. واضح أن تلك الممارسة قديمة، ورغم ذلك لم يجرؤ أي صحافي على أن يقول بأن الشعب هو الخفاش الأكبر المُضر.
في عام الفيروس، الذي قتل الاقتصاد، وترك البشر، زادت الحكومة في ميزانية تعويض التجار، والحجة أن البلد بحاجة لاسترجاع كل ما سرق منه.
وكان هنالك سر يفتح أفقًا في كل ما سبق. فقد حصلت المخابرات على صور كل الذين باعوا المسروقات، فتم اعتقالهم، وكدسهم الطبيب النفسي للحكومة في مستشفى شاطئي كبير، فراشه الرمل، وغطاؤه السماء. مستشفى سمته الحكومة "مستشفى الرازي"، وسماه الشعب مستشفى "بويا عمر".
كان المستشفى يقع على شاطئ البحر المتوسط قبالة الشواطئ الإسبانية. وكانت أضواء برشلونة تظهر قريبة جدًا للمرضى، وقد أمر الطبيب النفسي بأن يعرض مسلسل نيتفليكس "سيغموند فرويد" على المرضى في جلسة واحدة امتدت ثماني ساعات. حينًا ارتفع منسوب الهستيريا في دمهم، صار الانفصام الذي يعيشونه مكشوفًا للعين المجردة كشقوق دموية فوق جباههم...
شرب اللصوص عصيرًا إسبانيًا طفا على الشاطئ، فهاجمهم إسهال مزمن في البحر، اصفر لون الماء، وتابع اللصوص السباحة بمتعة... لم يمت أحد بسبب الرائحة...
مر الزمن، شعر المحتجزون في المستشفى بالضجر، فقررت الحكومة التي لا تحب اللصوص الصغار إلقاء بعض المسروقات المشتراة في البحر على بعد 100 متر من الرمل. حينها ارتمى المحتجزون في البحر لاسترجاعها... وبعد شهر، لم تبق إلا مئة امرأة في المستشفى الشاطئي.
فورًا، ذكرت جريدة صفراء تحرر في عمارة زجاجية أن القرش المتوحش افترس المرضى، فأصيب بكورونا... وحينها رمى البحر ملاءات المستشفيات الميدانية فأرجعتها وزارة الداخلية إلى وزارة الصحة. ومنذ ذلك الحين، لم يُسرق أي شيء من مستشفيات البلد. وأضافت تلك الجريدة التي ازدهرت في زمن الفيروس أنه قد ظهر على شواطئ الجزيرة سردين أخضر غريب كروي الشكل يطفو بسرعة فوق الماء المالح.
بعد ذلك، كشفت صحافة التحقيق عن بعد أن سارقي تجهيزات المستشفيات الميدانية قد حرقوا من البحر الأبيض حتى البحر الأسود، للاستفادة من اللقاح الروسي، وبعضهم شفي من الإسهال، وتزوج شقراء روسية طويلة القامة ملقحة، وفي هذه الأثناء بدأت نشرة الأخبار المسائية في تلفزة الجزيرة بخبرين، الأول مفاده أن روسيا جربت لقاحا في الخفافيش، فشفيت من الصلع، فتحسنت سمعة سلالة الخفاش وسمعة روسيا. والثاني هو أن جزيرة "حجَر الغراب" قد حققت سبقًا في إنتاج الجزر واللفت، وقد صدرت الفائض لكي تستورد اللقاح.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا