يمكننا هنا، ودون أن نلتزم بتعريف الفلسفة، أن نميّزها على نحو كلاسيكي جدّا بمَهَمَّة معرفة الذات لذاتها التي حدّدها لها سقراط، من خلال الرّسم المعروف على معبد دالف والذي اتُخذ كشعار. هذا الـ “أعرف نفسك بنفسك” والتي يمكن أن يؤوّل تأويلات شتّى، ولكنّنا يمكن أن نقرّ أنه يعني، في الحدّ الأدنى، شيئا من قبيل:” حاول فهم من تكون، ما تفعل، وفيم تفكّر، وما تقول”. يمكن أن نتصوّر مسلكين، حتى نستجيب لهذا المقتضى، إمّا بتحليل مباشر للممارسات وطرق تفكيرنا فيها، أو، بطريقة غير مباشرة تبدو أوّلا، بتحليل لتاريخ أفكارنا. بيد أنّه سرعان ما سنتبيّن أن التمشي الثاني يجب أن يكون في الواقع هو الأوّل، إذ قد يكون من السذاجة بمكان الزعم بتحليل مباشر لما نفكّر فيه، دون اعتبار أن المفاهيم ذاتها التي نفكّر بها موسومة بتاريخ ينتجها و يتعامل معها. بل إنّ الأسئلة التي نطرح، وطريقة طرحها هي في الغالب حاصل إرث علينا الوعي به، إذا ما لم ننشأ تحمّله بكل بساطة.
حينما نتساءل في الفلسفة عمّ يمثّله اللّعب، فإنّ ذلك يؤدّي، إذا ما أردنا ألا نظلّ سذّجا، إلى القيام بعمل مؤرّخ المفاهيم قبل مباشرة البحث عن تعريف أو تحليل للممارسات. يمكننا أن نبيّن، فيما يخصّ اللّعب تحديدا، بأنّ الطريقة التي أُدمج بها هذا المفهوم في الفلسفة قد ساهم طويلا في طريقة تناول الفلاسفة له.