تحتفل المكتبات ووسائل الإعلام في فرنسا، منذ أسبوع تقريبًا، بمرور مئة عام على وفاة الكاتب الفرنسي، مارسيل بروست، صاحب العمل الكبير "البحث عن الزمن المفقود"، الذي أثبت بقوة عبقرية تحويل الذات الخاصة إلى موضوع عالمي بفضل قوة الأسلوب، بحيث يولد لدى القراء أنهم يقرؤون عن أنفسهم، ويتعرفون عليها من خلال التجربة المعروضة أمام أعينهم. لكن، علينا ألا نتوهّم أن بروست ظل شبيهًا بالقديس الأدبي، بل على العكس من ذلك، قامت الذاكرة الأدبية والأكاديمية الفرنسية بفعل ما لم يكن منتَظَرًا: وضع بروست وعمله الضخم في متحف الأدب."لماذا نريد التخلص من بروست، الذي لم يعد نموذجًا للكتاب المعاصرين؟"، هكذا تساءل، ببعض الخبث، الروائي الفرنسي فيليب فيلان، في مقال له نشر في ربيع عام 2013، بعد مرور مئة عام على نشر "جانب بيت سوان".
"البحث عن الزمن المفقود" رواية ضخمة من سبعة أجزاء، يعود فيها السارد إلى ماضيه ليصفه بدقة، ويعطي للأحداث من الواقعية أكثر مما كان لها. ألفها بين 1905 و1910. رفض طبعها، وهي مخطوطة، جميع الناشرين، وعملت المؤسسة الأدبية على قمعه لسنوات عديدة بسبب كونه مستقبليًا سابقًا لأوانه. لكن اليوم، يحتل بروست مكانة بارزة في الذاكرة الجماعية للفرنسيين، مثل شكسبير بالنسبة للإنكليز، ونجيب محفوظ بالنسبة للعرب.
في عام 1905، بدأ مارسيل بروست بكتابة "البحث عن الزمن المفقود"، التي جاءت في سبعة أجزاء تتوزع على 4300 صفحة، وتحتوي على مليون ونصف المليون كلمة، وعدد شخصيات الرواية ألفا شخصية. وقد وصف غراهام غرين بروست بأنه "أعظم مؤلف في القرن العشرين"، أما سومرست موم فقد وصف الرواية بأنها "أعظم عمل خيالي" برغم أن بروست مات من دون أن يتمكن من إنجاز النسخة النهائية منها، وتركها على شكل مسودات راجعها شقيقه روبرت ونشرها بعد وفاته.