عبد الحميد بن محمد - الجزائر
قررت وزارة الثقافة الجزائرية مؤخرا إلغاء أكثر
من مئة فعالية في إطار سياسة
التقشف التي أعلنتها الحكومة تماشيا مع تقلص مداخيل البلاد
نتيجة انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية .
وأثار قرار وزير الثقافة عز الدين ميهوبي ردود فعل
متباينة في الأوساط الثقافية بين متفهم ومرحب وبين منتقد.
ويرى البعض أن الأمر لا علاقة له بالتقشف إنما يعكس
نظرة جديدة للقطاع الثقافي، في حين يقول آخرون إن طريقة الإلغاء لم تكن مهنية ولا عادلة.
ويقول الشاعر والسيناريست رابح ظريف إن المسألة
لا علاقة لها بضعف ميزانية وزارة الثقافة أو بالتقشف، مضيفا للجزيرة نت أن هناك نظرة
جديدة لقطاع الثقافة "فتقليص المهرجانات مرتبط برؤية ثقافية متكاملة".
وتشهد الجزائر سنويا تنظيم 186 تظاهرة ثقافية محلية
ووطنية ودولية. ويعتقد ظريف أن التجربة أثبتت أن كثرة المهرجانات قد تكون سببا في تمييع
الفعل الثقافي لدى الجمهور "الذي يجد نفسه أمام ثلاثة أو أربعة مهرجانات متشابهة".
ويبدي اتفاقه مع قرارات "حذف المستنسخ وإلغاء
عديم الفائدة والاكتفاء بأهم المهرجانات مع شيء من الصرامة". كما يقترح إشراك
رجال المال والقطاع الخاص في تمويل هذه المهرجانات حتى لا تبقى مرتبطة بـدعم الدولة.
عبء مالي
كذلك رحب بالقرار رئيس جمعية الكلمة الثقافية الشاعر
عبد العالي مزغيش "إذا كان الهدف التخلص من المهرجانات والتظاهرات التي لا طائل
منها ولا فائدة".
ويضيف للجزيرة أن هناك الكثير من المهرجانات والتظاهرات
الثقافية كانت تشكل عبئا ثقيلا على موازنة قطاع الثقافة دون أن يكون لها أي أثر على
الواقع.
ويؤكد مزغيش أنه "من غير المعقول أن يتم تأسيس
أكثر من خمسة مهرجانات للرقص دون سواه أو جود ملتقيات لا تجمع من الجمهور سوى منظميها
والإعلام".
ويعتقد أنه من سوء حظ وزير الثقافة الحالي عز الدين
ميهوبي أنه يقود قطاعا في مرحلة صعبة تمت التضحية فيها بالفن والأدب والإبداع لصالح
الاقتصاد والتنمية "فهو ملزم بإحكام القبضة على عمليات صرف المال العام وتشديد
الرقابة على مسألة الإنفاق".
ويقول الروائي بشير مفتي إنه لو كان يملك القرار
لألغى أغلب هذه المهرجانات لأنها تكلف الكثير دون كبير فائدة ودون أن تنجح في تحريك
الركود الثقافي.
الأولويات الثقافية
كما يدعو مفتي إلى الاهتمام أكثر بثقافة الكتاب
وبرامج الترجمة من وإلى اللغة العربية، متسائلا: لماذا ليست عندنا مجلة ثقافية واحدة
مهمة ذات إشعاع وطني وعربي؟
ويعتقد مفتي أن الأولويات الثقافية في المرحلة الحالية
"هي بناء الإنسان من جديد بتغذية وجدانه وعقله"، داعيا إلى صرف ميزانية الثقافة
في الأمور المجدية والنافعة.
بالمقابل، تؤكد الصحفية زهية منصر أن "التقشف
كلمة مطاطة لا ندري ما المقصود بها"، وترى أن "إدارة مهرجانات الصيف الحالي
لا تعكس ترشيد النفقات كما يدعي الوزير".
وتضيف أن الطريقة التي جرى بها تقليص عدد المهرجانات
"لم تكن لا مهنية ولا عادلة". وتتساءل: كيف نلغي مهرجانا بدعوى التقشف ثم
نستحدث آخر لصديق الوزير؟ كما تشير إلى وجود تفضيل واضح للسينما على حساب المسرح والكتاب.
المصدر : الجزيرة