هل تعرف كيف اخترقت الـ «سي. آي. إيه» عالم الفنون
والآداب – إسلام الحمزاوي
أنا أعرف أن ذلك سرّ.. لأنهم يتهامسون بهِ في كلّ
مكان. *وليم كونجريف
كان كلّ عضوٍ من أعضاء مكتب الخدمات الاستراتيجية
يحمل حقيبة بها جهاز لاسلكي، وبندقية، وبعض العملات، وعددٌ من القنابل اليدوية بالإضافة
إلى حبة دواء قاتلة لتنفيذ مهام وُصفت بأنها مهام قذرة، حتى قرر ترومان – الرئيس الأمريكي
وقتها – إيقاف نشاط هذا المكتب في شهر سبتمبر (أيلول) لعام 1945م معللًا فعلته بقول:
إنه لا يريد شيئًا شبيهًا بالجستابو الألماني في أوقات السلم.
إلا أنه سرعان ما بدت الحقيقة جلية لترومان وهي
أن هزيمة الفاشية لم تكن تعني نهاية الصراع العالمي. فكل ما في الأمر أنّ موازين القوى
قد اختلفت إذ إن المعسكرين العالميين – الشرقي الشيوعي والغربي الرأسمالي – قد تخلصا
من الفاشية النازية التي كانت خطرًا داهمًا على كلٍ منهما، وأصبحت المواجهة الآن مباشرة
بين الرأسمالية والشيوعية.
وهكذا، بينما كان العالم بأسره يلعق جراحه ويحاول
لملمة شتاته بعد الحرب العالمية الثانية، كانت الحكومتان الأمريكية والسوفيتية تعيدان
ترتيب أوراقهما وتبحثان في كيفية السيطرة على العالم عن طريق زيادة الأنظمة التابعة،
أو المؤّيدة أو المتعاطفة مع كلٍ منهما.
فبينما أسرع الاتحاد السوفيتيّ بضمّ دول شرق أوروبا
المحررة من الاحتلال النازي إلى جانبه، وسعى إلى تدعيم الأحزاب الشيوعية في العالم
لمجابهة الإمبريالية، كانت الولايات المتحدة تعمل على استعادة العلاقات بينها وبين
أوروبا في أسرع وقت عن طريق تخفيف الوجود العسكري هناك وعقد معاهدات صلح مع الدول التي
تحالفت مع النازية.
من هذا المنطلق، وفي إطار سعي الولايات المتحدة
لاحتواء كل أوروبا جاء مبدأ ترومان في مارس 1947 ومشروع مارشال الذي كان يتمثل في تقديم
مساعدات مالية لدول أوروبا الغربية – خاصة تلك المهددة بأزماتٍ اقتصادية – لمواجهة
المد الشيوعي وبالتالي لا تكون هذه الدول فريسة سهلة في يد الأحزاب الشيوعية.